فاس الحبيبة

تشتهر المملكة المغربية بغناها بالمدن التاريخية، ومنها مدينة فاس ذات المساجد والجامعات والمدارس والأسواق والقصور والبروج القديمة التي تتميز بتاريخها العريق وعمارتها الفريدة وزخارفها الجميلة· وتشكل فاس جزءا أساسيا من التراث الوطني المغربي والعربي والإسلامي· فهي مقصد للسياح العرب والأجانب، ما دفع بمنظمة >الأونيسكو< إلى وضع خطة لترميمها وإعادة إسكان أهلها· وتتوزع فاس على مدينتين واحدة قديمة، وأخرى حديثة، فتمزج بين الماضي العريق، والحداثة المعاصرة· وهنا نأخذكم في رحلة داخل مدينة فاس، تمتد من تاريخها العريق وأماكنها السياحية إلى شوارعها الحديثة·
> تاريخ عريق
تشكل مدينة فاس جزءا أساسيا من التراث الوطني المغربي، فقد أسسها إدريس الثاني في القرن الثامن الميلادي، أي في عهد الدولة الإدريسية، وأصبحت مقر إقامة الفارين من الأندلس ومعظمهم من المثقفين والحرفيين الذين أغنوا المدينة بمعارفهم وخبراتهم·
وشهدت فاس تطورا عمرانيا واقتصاديا في عهد يوسف بن تاشفين خلال القرن الحادي عشر الميلادي، وازداد هذا التطور في عهد الموحدين خلال القرنين الثاني والثالث عشر، حيث تحول مسجد القرويين فيها إلى جامعة ومركز للتيارات الفكرية والدينية·
هذا التطور العمراني والاقتصادي والثقافي لفاس دفع المرينيين لاختيارها عاصمة لمملكتهم، وفي عام 1666م خلال عهد المولى رشيد الملك مؤسس الدولة العلوية التي ينحدر من سلالته ملك المغرب الحالي محمد السادس، بقيت فاس عاصمة للمملكة قبل أن يختار شقيقه المولى إسماعيل مدينة مكناس عاصمة جديدة للمملكة·
وفي عهد المولى الحسن الأول (1872-1894م) بدأت الوسائل الحديثة بالدخول إلى المدينة فزودت بالطرق الإسفلتية وبخطوط الكهرباء والهاتف·
> الأماكن التاريخية
ما إن يدخل السائح إلى مدينة فاس عبر أحد أبوابها المتعددة حتى يجد نفسه داخل أسوار عالية وأزقة منحدرة تتفرّع يمينا وشمالا، كأنه عاد بالزمن إلى الوراء مئات السنين، وتنفتح أمامه فرص لزيارة أماكن تاريخية، تتميز بعمارتها الفريدة وزخارفها الجميلة وأهمها:
- مسجد الأندلس: بني عام 859م ويتميز ببوابته المصنوعة من خشب الأرز المنحوت عام 980م·
- جامعة القرويين: بنيت عام 862م وسميت كذلك لأن الفارين من القيروان أقاموا فيها وتعتبر من أشهر الجامعات العربية والإسلامية والعالمية، فمنها تخرج العديد من العلماء والمفكرين والفلاسفة والأدباء والشعراء، وتضم مكتبتها كتبا نادرة وثمينة خصوصا في الدين والعلوم والفلسفة·
- مدرسة الصهريج: بنيت في القرن الرابع عشر ميلادي وسميت كذلك لأن فيها صهريجا للوضوء·
- المدرسة البوعانية: وهي أفخم وآخر مدرسة أسسها المرينيون بين عامي 1350 و1357م، فيها قاعة كبيرة للصلاة·
- قصر البطحاء: بني في القرن التاسع عشر وحوّل اليوم إلى متحف للفنون الشعبية المغربية التي تعكس طباع وسلوك المغاربة على مدى قرون·
- برج الشمال: بناه أحمد منصور الذهبي في القرن السادس عشر الميلادي ليشكل مع برج الجنوب قلعتين تحميان المدينة، وتحوّل حاليا إلى متحف للأسلحة القديمة·
- مدرسة العطارين: بناه السلطان أبو سعيد المريني في القرن الرابع عشر الميلادي لإسكان طلاب جامعة القرويين، وسميت كذلك نسبة إلى العطارين الذين تشتهر المدينة بكثرة عددهم·
- زنقة العطارين وسوق الحناء: يتضمن متاجر صغيرة على الجانبين يستعملها خزفيون وعطارون، يتوفر فيها الحناء على أنواعه والكحل الأسود والرمادي، أي ما تتزين به النساء المغربيات منذ قرون، كما يتوافر فيها الخزف الفاسي المعروف بزخرفته وألوانه الزاهية خصوصا الأزرق وبجودته والذي أصبح اليوم مجرد أداة للزينة والديكور المنزلي·
- سوق الصباغين: يتلوّن بلاطه بألوان متعددة نتيجة قيام الصباغين بغسل الجلود في أحواض صغيرة، تنسكب مياهها الملونة بالأصبغة المختلفة على البلاط فتحوله إلى ما يشبه اللوحة التشكيلية التي تنعكس عليها أشعة الشمس نهارا فتولّد منظرا جميلا·
- سوق النجارين: يحوّل فيه النجارون الأخشاب إلى كراسي ومواد وخزانات منقوشة وتحف، تعبق فيه رائحة خشب الأرز الطيبة لكثرة ما يستعمله النجارون في تصاميمهم وفي وسط السوق ساحة تسمى ساحة النجارين، وفيها أجمل نوافير المياه في فاس·
- زاوية المولى إدريس الثاني: بُنيت في منتصف القرن الثامن الميلادي·
- باب الجلود: أحدث أبواب مدينة فاس، يتصف بتصميم فريد وبُني عام 1913م·
> المدينة الحديثة
تجمع فاس بين الطابع التاريخي والعصري، ويمكن للسائح التمتع بمشاهدة الطابعين، فبعد زيارة الأماكن السياحية التاريخية يمكن له أن يسلك شارع الحسن الثاني الواسع والمحاط بأشجار النخيل، ويصل إلى شارع فرنسا وساحة فلورنسا حيث مقر بنك المغرب، أو أن يسلك شارع محمد الخامس فيصل إلى المركز التجاري حيث تُباع مختلف أنواع البضائع كالأغذية والملابس والصحف والمجلات وغيرها·· أما إذا سلك السائح شارع السلاوي فسيشاهد الفنادق الحديثة والأكاديمية الملكية التي تُعقد فيها نشاطات سياسية وثقافية، ويمكن للسائح أن يزور زنقة فاس الجديدة التي يُباع فيها بضائع متنوعة، وتؤدي إلى باب الدكاكين الذي يعتبر صلة الوصل بين المدينة القديمة والمدينة الحديثة·
ومن الأماكن المهمة في المدينة الحديثة مندوبية السياحة في ساحة المقاومة، ومكتب الإرشاد السياحي في ساحة محمد الخامس، ومكتب شركة النقل والخطوط الوطنية المغربية في شارع محمد الخامس، ومحطة السكك الحديد، ومكتب الخطوط الجوية - الملكية المغربية في شارع الحسن الثاني، ومطار فاس·
وفي مدينة فاس عدد من النوادي الرياضية، هي النادي الرياضي الفاسي في زنقة مولاي سليمان، ونادي الفروسية، وملعب الخيل في شارع محمد الكوري والذي يقع فيه أيضا نادي كرة المضرب الفاسي، ونادي المغرب الفاسي لكرة القدم، واليد، والسلة في زنقة السودان، ومقر الاتحاد الرياضي الفاسي لكرة الطائرة في سيدي إبراهيم، ونادي الطيران على طريق صفرو، ونادي التزحلق على الجليد عبر مندوبية وزارة الشباب والرياضة في شارع الشفتاوي، كما يوجد في فاس عدد من المخيمات السياحية مثل الجوهرة الخضراء، غابة عين الشقق في إيموزار وصفرو، وتؤمن هذه الأماكن الاقتصادية والرياضية والسياحية أفضل الخدمات للسياح والمواطنين·